إنّ المطّلع على مواقع بعض الكتّاب ولا سيما في المجال الإسلامي قد يلاحظ بانّ عددا منهم يذيّل إصداراته بعبارة << حقوق الطّبع محفوظة >> بل منهم من يزيد عبارة أثقل وهي <<لا يجوز النّسخ >> أو << يُحرم نسخ ونشر هذه المقالة أو هذا الكتاب أو.......>>ولعلّ من أغرب ما سمعت أن هناك من يحرم نفسه فيكتب على قرص مضغوط :<< إنّ نسخك لهذا القرص هو سرقة سيحاسبك الله عليها يوم القيّامة >>.وحجتهم في ذلك أنّ هذا العمل قد كلّفهم أموالا طائلة وأنّ إعادة نسخه ونشره سيجعلهم يخسرون هذه الأموال وأرباحها .
عجبا .......كيف يفكّر هؤلاء ؟ ........أو يخسر من يتاجر مع الله ؟
هل يعجز الخالق الذي رزق الجنين في بطن أمه ورزق الطّير والحيوانات والأسماك في ظلمات البحر أن يرزق رجلا جعل عمله خالصا لوجهه وراح ينشر علما مفيدا ابتغاء مرضاته ؟
هل رزق هذا الكاتب أو هذا المحاضر مرتبط بهذه الكتب والمطويّات والأقراص . أم أنّه بيد االجواد الكريم يؤته إياّه متى حان وقته كاملا غير منقوص؟
نعم يجتهد الإنسان ويتخذ الأسباب ، لكن أمر الرزق يتركه للرزاق . فقد ينتج الواحد آلاف النّسخ من الكتب أو الأقراص ولا تُسوّق ولايشتريها أحد بينما نُسخ مسموحة طباعتها تجد صدى كبيرا عند جموع القراء والمستمعين ، فيكون الإقبال عليها منقطع النّظير سواء كانت أصليّة لصاحبها أو مقلّدة .
لماذا قد يحدث هذا ؟ لأنّ الأرزاق بيد الله يوزّعها كيف يشاء ومتى يشاء ، وكم يعجبني قول الحسن البصري <<علمت أنّ رزقي لا يأخذه غيري فاطمأنّ قلبي >>
ثمّ حتى لولم يربح الكاتب من وراء نشر هذه الكتب أموالا [لأن الله لم يكتبها له ] لماذا يحرم نفسه ثوابها ؟ فهو إن لم ينل أجرها المادي في الدّنيا ،هل سيحرمه الله أجرها وثوابها يوم القيامة ؟ أليس هو القائل ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) والله يضاعف لمن يشاء.
لماذا لا نثق بالله و بقدرته وعطائه وكل شيء نفعله نبتغي به وجهه .فأي عمل لا يُبتغى به وجه الله سيكون حسرة وندامة على صاحبه .
الرئيسية 